السبت، 8 فبراير 2025

 

 النحاس في عُمان (1)

 

أثار معدن النحاس اهتمام كثير من الباحثين في مجال الآثار والمعادن منذ مطلع القرن العشرين، ففي عام 1928م كتب (هارولد بيك) بحثًا إلى مؤتمر المستشرقين السابع عشر في أكسفورد، ومن ضمن ما جاء فيه: "من أعظم مشاكل العالم القديم إثارة للاهتمام صناعة واستخراج المعادن، ويبدو أن أول المعادن التي استعملت هما الذهب والنحاس.."[1].

تمثال حجري من بلاد الرافدين يقال أن الحجر أصله من عُمان[2].

أثناء عمليات التنقيب والدراسة في بلاد الرافدين، كانت المنتجات النحاسية من الأشياء التي يعثر عليها باستمرار، ومن ذلك ما أشارت إليه التحاليل الكيميائية للأدوات النحاسية التي عثر عليها في المقبرة الملكية في (أور[3]) بأنها تحتوي على كمية من عنصر النيكل، وهذا يتطابق مع مكونات مادة خام النحاس المستخرج من مجان -عُمان-[4]. وفي حضارة سومر القائمة منذ 4500 سنة وُجدت صناعة نحاسية مزدهرة، بينما أرض بلاد الرافدين فقيرة من معدن النحاس[5]، وهذا جعل البحث عن مصدر هذا النحاس ضروريًا. وفي نص سومري ذكر النحاس صراحة من ضمن السلع التي. تنقل من مجان وملوخا[6]. وفي كتاب "البحث عن دلمون" للدكتور جيوفري بيبي وصف ألواحًا فخارية في أور تذكر شحن عشرين طنًّا من النحاس في 1800ق.م من مجان إلى أور[7] .

طريقة صهر النحاس في عُمان.[8]

بعد قراءة النصوص السومرية، والبحث عن هذين البلدين تم تحديد مصدر النحاس والديورايت والنخيل بأنها تنتج من مجان؛ حيث كان تجار أور ولارسا يستوردونها من مجان[9]. وتم تحديد الموقع عبر الوصف الذي كتبه السومريون، وهو أنها تقع في البحر السفلي -الخليج العربي- وبحر العرب، وكما يظهر أن مجان وملوخا بلدان بعيدان، وهما مصدران لبعض السلع التي حددوها آنذاك[10].

صخور مصهورة استخرجَ منها المعدن، تُعرف بمصطلح "خبث المعدن".

أبرمت شركتا بروسبكشن المحدودة ومارشال عُمان إكسبلوريشن اتفاقًا مع سلطنة عُمان للقيام بالتنقيب المعدني في جبال عُمان، ويرجع أصل اهتمام شركة بروسبكشن بالمواد المعدنية في عُمان إلى البحث العلمي الأثري قام به سي. سي هوستون دمج فيه عددا من العلوم المرتبطة[11]. وبذلك تدخل المرجلة الأولى في البحث عن مكامن النحاس في عُمان منذ عام 1973م.

 


 



[1] جوتيلر، جي.و. وهوستون، فيرث وسي.سي. بحث مبدئي في التعدين القديم في سلطنة عُمان، مجلة الدراسات العمانية مجموعة مختارة من الدراسات التاريخية من الجزأين الأول والثاني الصادرين عام 1975 وعام 1976م. 1987، وزارة الإعلام والثقافة، ص132

[2] توزي، وكلوزيو، في ظلال الأسلاف مرتكزات الحضارة العربية في عُمان، وزارة التراث والثقافة سلطنة عُمان، ص197.

[3] مدينة سومرية تقع في جنوب العراق، وكانت عاصمة سومر عام 2100قبل الميلاد.

[4] الهيئة العامة للسياحة والآثار، مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وحدة حضارية وتنوع ثقافي المعرض الدولي المشترك لدول الخليج العربي، 1430هـ. ص199.

[5] فايسجاربر، د.جي. استغلال النحاس في عُمان في الألفية الثالثة قبل الميلاد، 1980م، حصاد ندوة الدراسات العُمانية البحوث والدراسات التي قدمت في الندوة ذو الحجة 1400هـ/نوفمبر 1980م. وزارة التراث والثقافة،2018م. مج7، ط4. ص151.

[6] حنون، نائل، الاستكشاف الأثري من وادي الفرات إلى عُمان. 2023م. الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. ط1. ص580.

[7] جوتيلر، جي.و. وهوستون، فيرث وسي.سي. بحث مبدئي في التعدين القديم في سلطنة عُمان، مجلة الدراسات العمانية مجموعة مختارة من الدراسات التاريخية من الجزأين الأول والثاني الصادرين عام 1975 وعام 1976م. 1987، وزارة الإعلام والثقافة، ص125.

[8] توزي، وكلازيو، في ظلال الأسلاف مرتكزات الحضارة العربية في عُمان، وزارة التراث والثقافة 2008، ص217

[9] فايسجاربر، المرجع نفسه، ص151.

[10] حنون، المرجع نفسه، ص580.

[11] جوتيلر، وفيرث، وهوستون، بحث مبدئي في التعدين القديم في سلطنة عُمان، وزارة التراث والثقافة سلطنة عُمان، الطبعة الثانية 2016م، ص5.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق