النحاس
في عُمان 2
وبعد أن تطابق
وصف مَجَان على عُمان أصبح من الضروري البحث عن حقيقة وجود معدن النحاس في عُمان،
والتأكد من خلال المسح والتنقيب الأثري؛ وبعد أن عقدت شركتا (بروسبكشن المحدودة)
والتي عُرفت (بشركة عُمان للتعدين) بالاشتراك مع (مارشال عُمان إكسبلوريشن
المساهمة) في عام 1973م اتفاقًا مع حكومة
سلطنة عُمان للقيام ببرنامج تنقيب معدني في جبال عُمان تتولاه شركة بروسبكشن عمان
المحدودة تم تحديد مكامن للنحاس في
صُحار وحُددت مواقع استخراج النحاس في كل من عرجا والأصيل [1]. رغم ثراء هذه
المواقع بأدلة استخراج وصهر النحاس منذ عصور قديمة إلا أنها لا تقدم رابط مع
المكتشفات في الرقم الطينية التي ذكرت مجان في العصر البرونزي، فمواقع الأصيل
وعرجا يؤرخان إلى العصر الحديدي والعصر الإسلامي[2].
حددت شركة
عُمان المحدودة للتعدين بين عامي 1973-1974م، مصادر للنحاس، وتم تحديدها في منطقة
وادي الجزي بولاية صُحار، وكان التحديد ليس مجرَّد أدلة منتشرة على أعمال التعدين
وصهره قديمًا فقط؛ بل أيضًا بقايا معمارية مهمة، وكانت مواقع الأصيل وعرجا
والبيضاء، وعلى ضوء المسوحات الأثرية انجذب البحث عن المعادن في سلطنة عُمان[3]. ومنذ
الثمانينات من القرن العشرين أصبحت عُمان تصدر ملايين الأطنان من النحاس النقي ذي
القيمة العالية إلى السوق العالمي[4].
عقد مصنوع
من النحاس، عثر عليه في سمد الشأن بسلطنة عُمان، يؤرخ إلى العصر الحديدي المتأخر[5].
مدخل منجم
استخراج المعدن في ولاية بدبد، ربما يعود إلى العصر البرونزي.
وفي عام 1979م
قام (فايسجاربر) بالتحقيقات في موقع بالقرب من قرية المُيَسَّر في ولاية المُضيْبي
بمحافظة شمال الشرقية، الذي اكتشفته بعثة (هارفارد)، وتم العثور على أدلة لوجود
عمليات إنتاج نحاس تعود إلى العصر البرونزي[6] ويُعد هذا الاكشاف من الأدلة القوية
على استخراج النحاس وتصديره إلى خارج عُمان، ومما يدعم ويفسر ما ذكرته الرقم
الطينية في بلاد الرافدين عن استيراد النحاس من مجان، مع أن التأريخ لموقع استخراج
النحاس في المُيَسَّر لا يعطي يمتد إلى أقدم ما ذكر في الرقم الطينية، ولذلك بقي
البحث مشوِّقًا عن موقع آخر أكثر قِدَمًا.
وأخيرًا قدم موقع في قرية الخشبة بولاية
المُضيْبي دليلًا مهمًا على وجود عمليات لإنتاج النحاس في نهاية الألف الرابع قبل
الميلاد، وهو أقدم دليل أثري في عُمان حتى الآن، حيث يعود إلى 3200 قبل الميلاد،
في المبنى المرمز له ب "v" عثر حوله على أفران صهر، وصخور خبث النحاس، ورماد، وفحم،
وقدور الصهر، تم فحص عينات من الفحم الذي جاء تأريخها إلى 3200-3100 قبل الميلاد[7].
أكوام من
التراب المستخرج من عملية الحفر لإستخراج معدن النحاس من موقع المعيدن بولاية
المضيبي.
استمر البحث
عن مواقع استخراج النحاس ومازال مستمر ويقدم نتائج مثرية، وثمَّة أبحاث خاصة قمت
بها اكتشفت فيها عشرات المواقع الأثرية الغير معروفة، من ضمنها مواقع لاستخراج
النحاس لم تحدد بعد من قبل الجهات المعنية ولم يتم التنقيب فيها، بعضها من اللقى
السطحية فهمت أنها ترجع إلى العصر الحديدي المبكر وبعضها أحدث من ذلك، كما أن هناك
مواقع أثرية استطعت تحديدها بها آثار تعدين النحاس وهي تحتاج إلى حفريات تنقيب
لتحديد هويتها وعمرها الحقيقي.
وتمَّ التعرف
على عشرات المواقع ذات الصلة باستخراج المعدن أو النحاس في سلاسل جبال عُمان إلى
جزيرة مصيرة، وأسهم اكتشاف موقع المُيَسَّر في ولاية المضيبي التأكيد على وجود
النحاس خلال العصر البرونزي المبكر[8].
[1] جوتيلر وهوستون، المرجع نفسه، ص125.
[2] توزي وكلوزيو، في ظلال الأسلاف، 221-223.
[3] كوستا. ب.م، مستوطنة عرجا للتعدين تقرير تمهيدي، وزارة التراث والثقافة
سلطنة عُمان، 2016.
[4] توزي وكلوزيو، في ظلال الأسلاف 2008.
[5] الهيئة العامة للسياحة والآثار، ص225
[6] فايسجاربر، المرجع نفسه، ص154.
[7]
https://www.archaeoman.de/ar/der-fundort-al-khashbah/
[8] توزي وكلوزيو، المرجع نفسه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق