الخميس، 12 مايو 2016


من كتاب " في ظلال الأسلاف" لسيرج كلوزيو و موريسيو توزي" وزارة التراث والثقافة


مرت شبه الجزيرة العربية في فترة العصر الجليدي الأخير باستقرار في المناخ وتوفر الكثير من المياه السطحية والتي أثرت المكان بالغطاء النباتي والمراعي الخصبة التي تكاثرت فيها الحيوانات بشكل واسع. 
فقد كانت مياه البحر أقل من منسوبها الحالي، فعندما ذاب الجليد نحو 15000 قبل الميلاد ارتفع منسوب المياه في البحار بشكل سريع، وفي عام 12000قبل الميلاد غمرت المياه الأجزاء السفلى من الخليج العربي من دولة قطر حتى مضيق هرمز(1) والتي كانت مناطق جافة ترعى فيها الحيوانات ويصطاد الإنسان القديم منها وتعتبر منطقة امتداد لشط العرب. 
و بحلول 8000 قبل الميلاد وصلت المياه 30 مترا دون مستواها الحالي(2)، وربما قد غمرت مياه البحر مناطق كانت بها مستوطنات يعيش فيها الإنسان، ومساحات كانت يابسة ربما بقي عليها بعض الآثار تحت البحر تنتظر الباحثين من كشفها.
وفي خلال 6500قبل الميلاد ظهر فخار العُبَيْد  وقد تم العثور على هذا النوع من الفخار على امتداد الساحل الغربي للخليج العربي.
وفي ساحل بحر العرب عثر على موقع رأس الحد بولاية صور يعود الى نهاية الألف السادس قبل الميلاد، وهذا الوقت قد وصلت مياه البحر لمستواه الحالي، وقد يفترض أن تكون هناك مواقع أقدم قد غمرتها مياه البحر. 
إن أكثر المناطق وفرة في المعلومات في وقتنا الحضار هي منطق أشجار القرم "Mangroves" ومنحدرات الصخور في القرم بمحافظة مسقط وجنوب محافظة الشرقية من صور وحتى الأشخرة.(89) 


كان المجتمع في عُمان يعتمد على أساس جمع القوت وتربية الحيوانات المستأنسة، وحتى 5000قبل الميلاد كانت الزراعة وإنتاج الغذاء لا تزال نشاطات هامشية، بل محدودة بصورة تامة، إذ انحصرت على حدود الصحراء في  الشريط السوري الفلسطيني المعتدل. 84



أدوات حجرية من حقب ما قبل التاريخ المتأخر(نهاية الألف السابع إلى نهاية الألف الخامس قبل الميلاد. 



غطاسات حجرية لشباك الصيد، الصف العلوي تؤرخ إلى الألف الخامس قبل الميلاد، من موقع رأس الحمرا، والغطاسات الأخرى تؤرخ إلى الألف الرابع قبل الميلاد



 صنارات من رأس الحمراء تعود إلى الألفين الخامس والرابع قبل الميلاد



مدفن من رأس خبة بجعلان بني بوعلي، يعود لنهاية الألف الخامس قبل الميلاد


معثورات من موقع السويح من محافظة الشرقية تعود إلى الألفين السادس والخامس قبل الميلاد


من الفصل الرابع ص81:

إن التحولات الحضارية والسياسية خلال الألف الرابع قبل الميلاد قد دفعت بالشرق الأوسط ليكون في طليعة أقاليم العالم الأخرى. وكان الإنجاز الأكثر إثارة وثورية هو تأسيس الدويلات المبكرة في جنوبي ووادي الرافدين. وبعد عقود قليلة لاحقة شمل ذلك تقريبا كل مكان بين وادي النيل ووادي السند. وكنتيجة طبيعية لتلك الخطوة كان اختراع الكتابة في نحو 3400قبل الميلاد كأداة لا غنى عنها في مختلف المعاملات بين الناس وتسجيل النسب والأعمال والضرائب توزيع السلع. وبنهاية الألف الرابع قبل الميلاد كانت المجتمعات المحلية في عُمان قد اكتسبت خبرة واسعة عبر التحولات المختلفة، ونحن نطلق على هذا الحدث "التحول الكبير"81

وقد ظهرت مستوطنات ساحلية في رأس الحمراء في القرم بمحافظة مسقط،وفي وداي شاب بنيابة طيوفي، والسويح بولاية جعلان بني بوعلي خلال عام 3400قبل الميلاد، وقد كشفت تلك المواقع عن حضارة مادية لا تتطلب قطاعات متخصصة لتبادل الإنتاج.85

المساكن الغالبة في موقع 5-RH برأس الحمرا تتألف من مجموعات إنشائية متباينة تحوي أكواخ مستديرة تحيط بها حظائر صغيرة ومخابئ ومواضع نشاطات منزلية تميزها معدات وحفر ضحلة. شيدت الأكواخ من فروع صغيرة ومواد نباتية أخرى على هياكل خشبية وضعت بشكل دائري بالقرب من بعضها في حفر يصل عمق الواحدة منها ما بين 20-30 سم. وبما أن قطر الجذع الخشبي عادة ما يكون نصف قطر الحفرة ، فالغالب أن الجذوع الصغيرة هي التي استخدمت في البناء، في قواعد عمقها 12-15سم. ويجلب خشب البناء من أشجار القرم والسنط "الصمغ العربي" وأشجار من الفصيلة الصنوبري، وجميعها متوفرة على مسافة ميل واحد من الموقع.95

حفر الأكواخ المستيدرة وتجاويف التخزين منتصف الألف الرابع قبل الميلاد في موقع5-RH برأس الحمرا

 
أقراط على شكل هلال، تعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد 

من موقع رأس الحمرا 5-RH يحوي ثلاثة هياكل لبالغين وهيكلان لطفلين دفنوا معاً. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق