الأحد، 15 مايو 2016

وادي ماء "مِيهْ"

في عمق صدع كبيرة في سلسلة الجبل الأخضر بين جبل ثميد وجبل الهدك، يقع وادي ماء وحاليا يتبع ولاية سمائل، ويسمى باللهجة المحلية عند سكان الوادي بإسم "وادي مِيه" حسب نطق المد ياء والهمز هاء.
تقع في الوادي عين سخنان الشهيرة في عُمان، والتي بنيَ عندها برج سخنان، ويقال أن البرج تم بناءه في عهد السيد سعيد بن سلطان حوالي في القرن التاسع عشر الميلادي. إلا أن الأحداث التي وقعت في هذا الوادي تذكر شفهيا أقدم من ذلك بكثير، شواهد الحاميات والمراصد و القبور والرجم والنقوش الحجرية تدل على تلك الأحداث.

عند الدخول في مضيق الوادي تبدأ المشاهدات الإستثنائية من الجانب الطبيعي والأثري،  فالجبل الشاهق والذي تستطيع  رؤية منحدراته الشديدة والحدود الوعرة التي شكلت منظرا طبيعيا جميلا ومهيب من بعيد، يتوسطه ممر الوادي المكتسي باللون الأبيض من الحصباء، وتظهر الأشجار الضحمة المتناثرة أحيانا ومتجمعة في أماكن أخرى، مع اللون الرمادي لبعض صخور منحدرات الجبل، مع قمم سوداء وحلقوم ضيق خلفه فجوة تشاهد منظرها من بعيد، كل ذلك والمزيد شكل ذلك المنظر الفريد.
 ويقع برج سخنان على مدخل الوادي مباشرة. الوادي لا يوجد به قرى ولا مدن، فقط بعض مساكن أصحاب الماشية من بني جلندى "الجلنداني" ولديهم عدد كبير من الماعز العُمانية الأصيلة التي توارثوها من أجدادهم، ويصل ملك الشخص  الواحد 400 رأس من  الماشية ويزيد، وتعتمد هذه الماشية على المرعى الطبيعي في الوادي والجبل.
قد يكون الوادي موقع لمحمية طبيعية جولوجية وحياة فطرية لوجود السمات المؤهِلة لذلك، ففيه منابع مياه بين الجروف الصخرية وفي قاع الوادي، منها أحواض في قلب الصخر الرسوبي أنشأها الإنسان منذ آلاف السنين، ومنها ما تشكلت طبيعيا في الصخر، ويتوفر به ينابيع عديدة وعيون صغيرة. كما يتوفر به الكثير من النباتات البرية والأعشاب، ويقع في منطقة متباينة من حيث درجة الحرارة، ففي أعلى الوادي تكون درجة الحرارة معتدلة في  الصيف بينما باردة شتاءاً، وفي قلب الوادي تكون الحرارة حارة صيفا وباردة شتاء، وفي أسفل الوادي تكون الحرارة مرتفعة في الصيف ودافئة في  الشتاء.
وقد استطعت مشاهدة الوعل وبعض الزواحف، كما أخبرني القاطنون في الوادي بأنهم يشاهدون باستمرار طائر الشنة"الحجل" والصبأ والصفارد، ويشاهدون الحمام البري واليمام والقنافذ، كما يشاهدون الوشق والذئاب والثعالب، وذكروا الثعابين الجبلية واستطعت مشاهدة الخفافيش بنوعيها آكلة الفاكهة وآكلة الحشرات. وكما يعيش النحل بكثافة في الوادي، والبوم والعصافير وأنواع أخرى من الطيور البرية. وتكثر في الوادي أشجار التين البري والزيتون البري والبوت والشوع والسمر والطلح والقفص والغاف والسدر والنمت والقصد والمحلاح ويوجد في أعالي القمم العلعلان، وتوجد به الكثير من الأعشاب والنباتات البرية مثل : الخرمان، والشكاع، والجعدة، والظفرة، والعظلم "نبات النيلة"، والضجع، والصباريات، قد يزيد عدد هذه النباتا عن خمسين نوع.
ويحوي الوادي صخور رسوبية ذات أشكال جميلة منها المسطح والخفيف، ومنها الدائر الصلد، وصخور ذات رنين حاد، وحفر ومغارات وصدوع طويلة وعميقة جدا، وقمم ذات أشكال مختلفة ولها بُعد بصري فريد. كما يتضح في بعض الصخور "الأحافير" بقايا الكائنات البحرية، وبعض بقايا النبات، وبعضها شكلتها عوامل التعرية خصوصا المياه بأشكال فريدة، ويحتوي الوادي على آثار الجليد، وآثار جرف المياه والشقوق التي أحدثتها المياه في العصور المطيرة السحيقة.

كما استوطن الإنسان القديم في هذا الوادي، حيث توجد به الكثير من الآثار البشرية التي تعود لفترات تاريخية مختلفة تعود إلى قبل الميلاد، وأبرز ما يحوي الوادي من الآثار هي النقوش والرسومات في الصخور.

 مشهد للجبل الجنوبي من الوادي 

مشهد يوضح بعض أشجار السدر والغاف والإعتداء من أعمال الكسارات
 أحد المنازل الأثرية القديمة في الوادي




إحدى النقوش الحجرية القديمة في الصخور في الوادي

  نقوش أخرى توضح عدد من الحيوانات 

رسم منحوت في الصخر يوضح حيوان بري، وهذه صورة لحيوان لا يوجد في عُمان حاليا
رسم آخر لرمز يوجد في الوادي


 هذا النقش لحيوان غريب قريب من صورة الحمار

 نقش قديم في الصخور بالوادي يوضح صورة حيوان كأنه فيل


 مشهد يوضح الغطاء النباتي والصخور وجانب من الجبل

إحدى الحفر التي يتم تجميع مياه الأمطار فيها باعتراض مجاري السيول بالحفر في قلب الصخور كالأحواض، ويسمى محليا "قَلْت"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق